«الوطن» تنشر كواليس مسوّدة الدستور قبل التصويت
الأعضاء يرفضون «عزل وزير الدفاع بعد موافقة القوات المسلحة».. و«تمرد» تفشل فى تغيير النظام الانتخابى
كتب : ولاء نعمة الله وهبة أمين ومحمد يوسف ومحمد حمدى وأحمد محمد
السبت 30-11-2013
شهدت كواليس الساعات الأخيرة من عمر لجنة الخمسين حالة من الهرج
والمرج استمرت نحو ساعتين، إثر اكتشاف عدد من أعضاء اللجنة تلاعب لجنة
الصياغة فى النص الخاص بحق رئيس الجمهورية فى تعيين أو عزل وزير الدفاع إلا
بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإضافة كلمة «العزل» وهى لم تكن
مُدرجة سابقا فى المناقشة، ما رفضه العديد من الأعضاء، خصوصا الرافضين
للنص الخاص بمادة المحاكمات العسكرية للمدنيين، الذين اعتبروها تحصينا
لمنصب وزير الدفاع.
حاول المستشار محمد عبدالسلام، ممثل الأزهر فى اللجنة، احتواء
الموقف، وبحث الأمر مع عمرو موسى، رئيس اللجنة، الذى قال لـ«عبدالسلام»:
«إنه مقترح مقدم من بعض الأعضاء ولم تجرِ الموافقة عليه بشكل نهائى، وإنه
فوجئ بانتهاء الصياغة منه بهذا الشكل، وإنها خطأ مطبعى».
وفوجئ الأعضاء بعد ذلك بتوزيع مسوّدة للدستور تضمنت هذا النص، حتى
إن بعضهم قال إن هذه المسوّدة «مفبركة»، وستثير الرأى العام، فيما أجرى
اللواء مجد الدين بركات عدة اتصالات ورفض الحديث مع الصحفيين الذين طالبوا
بتوضيح الموقف.
وكانت المفاجأة بخروج محمد سلماوى، المتحدث الرسمى باسم اللجنة،
ليكشف عن أن هذا النص جرى وضعه بناء على رؤية لجنة الصياغة التى ارتأت حق
المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الموافقة على تعيين أو عزل وزير الدفاع،
مبررا عدم عرض النص على الأعضاء، حتى ساعة متأخرة من وقت التصويت على
مسوّدة الدستور، بضيق الوقت.
الاكتفاء بكلمة «مبادئ الشريعة» فى الديباجة.. و«الدستورية العليا» الوحيدة المختصة بتفسير المواد
وإزاء حالة الهرج والمرج التى شهدها الاجتماع الأخير بين أعضاء اللجنة
بسبب النص، اضطر عمرو موسى إلى إصدار تصريح صحفى أكد فيه عدم إقرار صياغة
المادة بشكلها النهائى حتى الآن، وأنه سيجرى التصويت عليها فى الجلسة
النهائية لجلسات الخمسين، فيما علمت «الوطن» أنه جرى النص عليها فى
المسوّدة النهائية بعد حذف كلمة «العزل» لاحتواء غضب الأعضاء وتهديدات
بعضهم بالانسحاب.
وشهدت كواليس الجلسة الأخيرة للجنة نقاشا واسعا بين الأعضاء من
ممثلى حركة تمرد وجبهة 30 يونيو من جهة، وممثلى الأحزاب من جهة أخرى، بشأن
النظام الانتخابى الذى كانت اللجنة قد أقرته من قبل بنظام الثلثين للفردى
والثلث للقائمة، وأصر بعض الأعضاء على إحالتها مرة أخرى لرئيس الجمهورية
لتنظيمها، لكن التصويت جاء بالرفض.
وأجرت اللجنة، فى اجتماعها الأخير، عدداً من التعديلات على صياغة
بعض المواد الخاصة بالثقافة، والمادة الخاصة بمجلس الدولة وفقا لمطالب
القضاة، فيما رُفض اقتراح مقدم من بعض الأعضاء بتحديد تشكيل وعدد أعضاء
المحكمة الدستورية العليا، لضمان عدم تكرار خطأ «الإخوان» فى دستور 2012
المعطل.
ووافقت اللجنة على تنظيم المادة الخاصة باختيار رئيس الجمهورية
لرئيس الحكومة كالتالى: «يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، فإذا
لم يحصل على ثقة أغلبية مجلس النواب، يشكل مجلس النواب الحكومة من الائتلاف
الحائز أكثرية مقاعد البرلمان، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء
مجلس النواب خلال 30 يوماً على الأكثر، يعد المجلس منحلاً ويدعو رئيس
الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال 60 يوماً من تاريخ صدور قرار الحل».
ورفضت اللجنة مقترحا للدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، طالب
فيه بإخضاع التمويل الأجنبى للجمعيات الأهلية لرقابة الجهاز المركزى
للمحاسبات، وجاء الاعتراض بسبب أن القانون ينظم ذلك ولا حاجة لوضعه كنص فى
الدستور.
ووافقت اللجنة على إجراء تعديل خاص بإنشاء محكمة استئناف بين محكمة
الجنايات والنقض كدرجة وسطى قضائيا بعد 10 سنوات بدلا من 5، بناء على طلب
القضاة.
ووافقت اللجنة على المقترح المقدم من الدكتور عمرو الشوبكى، الخاص
بديباجة الدستور الخاص بمبادئ الشريعة الإسلامية، ليصبح النص على النحو
التالى: «نكتب دستوراً يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى
للتشريع، كما جاء فى الأحكام المطردة للمحكمة الدستورية العليا، وهى الجهة
التى اختصت وحدها بتفسير مواد الدستور فى أحكامها».
كانت اللجنة قد انتهت فى ساعة متأخرة، مساء اليوم الأول، من مراجعة
كل مواد الدستور بعد الصياغة النهائية بعد نحو 56 جلسة عامة و200 جلسة
للجان النوعية، وجرى إرسال المسودة النهائية للأعضاء فى الثالثة فجر اليوم.
وشهدت الجلسة المغلقة تهديدات صريحة من ممثلى العمال والفلاحين
بالانسحاب من اللجنة والحشد ضد الدستور، إذا لم يوضع تمثيل مناسب لهم دون
تخصيص «كوتة»، وانقسم الأعضاء بين فريق مؤيد يتزعمه سامح عاشور وضياء رشوان
وعمرو موسى، وآخر رافض لأى تمييز إيجابى يتزعمه جابر نصار ومنى ذوالفقار
وعمرو الشوبكى.
ممثل الفلاحين: «عايز حقى من التورتة».. ومادة انتقالية لتمثيل الفئات المهمشة فى البرلمان
وقالت المصادر: إن الجلسة شهدت مناوشات كلامية بين الأعضاء، انفعل
خلالها ممثل الفلاحين ممدوح حمادة بقوله: «إحنا مش على الهامش يا بهوات،
وإحنا مش هنسيب لكم التورتة لوحدكم»، وانتهى الأمر بالموافقة على وضع مادة
انتقالية للفئات المهمشة.
من جانبه، قال محمد سلماوى، المتحدث باسم اللجنة، لـ«الوطن»: إن
الجلسة المغلقة اليوم الأول أقرت مادتين انتقاليتين تلزمان المشرع بمراعاة
تمثيل الفئات المهمشة تمثيلا ملائما فى البرلمان المقبل. وأضاف أن ذلك لا
يدخل فى نطاق «الكوتة»؛ لأنه لم يجرِ فيه تحديد النسب.
ونصت المادة 243 على أن: «تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين
تمثيلا ملائما فى أول مجلس للنواب بعد إقرار الدستور وذلك على النحو الذى
ينظمه القانون»، فيما نصت المادة 244 على أن: «تعمل الدولة على تمثيل
الشباب والمسيحيين وذوى الإعاقة تمثيلا ملائما فى أول مجلس للنواب بعد
إقرار الدستور على النحو الذى ينظمه القانون».
من جهة أخرى، ناشد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، برئاسة
عبدالفتاح إبراهيم، المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية، مراجعة قرار لجنة
الخمسين بإلغاء نسبة العمال والفلاحين فى الدستور، وطالبه بالتدخل للحفاظ
على هذه النسبة وحقوق العمال والفلاحين التى اكتسبوها منذ ثورة يوليو.
وقال الاتحاد، فى بيان أمس: إن الدستور، بعد إلغاء نسبة العمال
والفلاحين منه، سيكون مشوها بما له من أعراض خطيرة سيكتبها التاريخ بأحرف
سوداء، مطالبا لجنة الخمسين بأن تراجع نفسها فى هذا القرار وتبحث عن مخرج
عاجل حتى تمتلك مصر دستورا يليق بثورة شعبها فى 30 يونيو تنطلق من خلاله
نحو الاستقرار والوحدة والإنتاج وبناء الوطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا
وثقافيا، موجها ما وصفه بالنداء الأخير لرئيس الجمهورية وأعضاء «الخمسين»
من خطر الاستمرار فى اتجاه إلغاء النسبة.
رفض تحديد عدد أعضاء قضاة المحكمة الدستورية لعدم تكرار خطأ «الإخوان»
وتساءل: هل تريدون أن يعود الإقطاع مرة أخرى عن طريق وجود ممثلين لكل
الفئات فى البرلمان دون غالبية الشعب الذى ثار وخرج عن بكرة أبيه رافضا
للظلم وسياسات الفقر والجوع والمرض والفساد والتهميش والمحسوبية والوساطة؟
هل تريدون أن يكتب عنكم التاريخ أنكم أعداء العمال والفلاحين وأنكم همشتم
80% من الشعب المصرى؟
ووجّه رئيس الاتحاد رسالة إلى حكومة الدكتور حازم الببلاوى قائلا:
«لا يليق أبدا أن يصمت الوزراء الذين يرددون كل يوم أنهم جاءوا من رحم
الثورة فى 25 يناير و30 يونيو، بينما معظمهم يكتفى برفض قرار إلغاء نسبة
الـ50% «عمال وفلاحين» فى الاجتماعات المغلقة والبيانات التى تخرج على
استحياء؛ فنحن لا نطالبكم بأكثر من طاقاتكم، لكن نريد منكم أن تنفذوا ما
وعدتم به من حماية حقوق الشعب ومن العدالة الاجتماعية التى تعد نسبة الـ50%
جزءاً منها».
الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق