الأحد، 1 سبتمبر 2013

تصريح هام من البابا تواضروس بشأن حرق الكنائس

البابا تواضروس : المسيحيون يحتمون بالله أولا وإخوتهم المصريين ثانيًا فقط .. وحرق الكنائس ثمن للحرية

البابا تواضروس الثاني
- بيتر مجدى
نشر : 1/9/2013
بطريرك الأقباط لروسيا اليوم:تم الاعتداء على أكثر من 100 موقع مسيحى يمثل كنيسة أو مدرسة للراهبات أو ملجأ أطفال 
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الأنبا تواضروس، خرج عن صمته فى حوار مع قناة «روسيا اليوم». بابا الأقباط الأرثوذوكس الذى لم يُتِمّ عاما على اختياره، كان جريئا، سواء فى الشأن الداخلى أو فى ردوده على الموقف الخارجى من الأحداث فى مصر، فى حواره الذى رأت «التحرير» إعادة عرضه على صفحاتها.
■ بماذا تصف الحالة المصرية الحالية؟
- هى حالة مخاض، وحالة المخاض تعنى ألمًا، لكن يقابلها ولادة جديدة وإنسان جديد.
■ وما سبب ما وصلت إليه مصر؟
- أسباب كثيرة ومتراكمة وليست وليدة اللحظة، ولكن أهم الأسباب يتلخص فى كفاءة الإدارة، فإدارة دولة بحجم مصر يجب على من يتصدى لها أن يكون على قدر هذه الكفاءة، فغياب الكفاءة أو ضعفها تسبب فى كل ما نحن فيه.
■ هل هناك ترابط بين معاناة المسيحيين فى العراق وسوريا ومصر؟
- ربما يكون هناك ترابط، لست متأكدا مئة فى المئة، لكن فيه نوع من الضغط على الوجود المسيحى فى الشرق الأوسط بصفة عامة، يمكن العراق نسبة كبيرة من المسيحيين هناك تركوها، ربما يكون لهدف خبيث، لكن الحالة المصرية مختلفة، لأن الأقباط من جذور أرض مصر، لذا بيأخذوا كلمة أقباط، المسيحيون فى أى مكان فى العالم يطلق مثلا عليهم مسيحيّو الغرب، أما فى مصر للمسيحيين عنوان مختلف هو «قبطى» التى تعنى مصرى.
■ مَن المستفيد من استمرار الطائفية فى المنطقة؟
- التفتيت، بعض الدول تضع فى اعتبارها إضعاف منطقة الشرق الأوسط، وتأتى لتفتيتها، يمكن معاهدات «سايكس بيكو»، القديمة والحديثة توضح ذلك، لكن الإضعاف جعلها دويلات صغيرة، وأرجع وأقول مصر حالة خاصة فهى عبر التاريخ لم تنقسم ولم تندمج، هى كذلك كما خلقها ربنا، ولها وضعية خاصة للذين يضعون أفكارا وخططا، مصر بالذات تحكمها قوانين إلهية قبل أن تكون بشرية، ولاحظى أن منطقة الشرق الأوسط هى المنطقة الأغنى فى البترول وزرعت فى وسطها إسرائيل، وهذا العمل تم منذ 60 سنة أو أكثر قليلا، وظهور زعامات فى الوطن العربى تقلق الغرب كثيرا مثل زعامة جمال عبد الناصر، أو صحوة الشعوب تقلق الغرب أيضا، الغرب ربما يكون المستفيد، ربما تخطيط من الولايات المتحدة الأمريكية أو تخطيط من بعض الدول الغربية، لا أملك وثائق فى يدى حتى أستطيع أن أجزم، لكن ربما كما تقول الصحف.
■ وما المغزَى من حرق أكثر من 50 كنيسة يوم فض اعتصامى رابعة والنهضة؟
- هذا ثمن الحرية، فقد تم الاعتداء على أكثر من 100 موقع مسيحى يمثل كنيسة أو مدرسة للراهبات أو ملجأ أطفال، بصورة بربرية على هذه المواقع، بالإضافة إلى أكثر من 1000 بيت ومحل عمل للأقباط فى مناطق مختلفة، بصورة كارثية، أعادتنا لعصور الغابات القديمة، حيث لا قانون أو شريعة، والهدف أن المسيحيين يقعون فى المسلمين، ونحن ننتبه إلى هذا جيدا.
■ هل هناك خطر لتصاعد الصدام الطائفى؟ ومَن المسؤول عنه؟
- هناك عوامل آنيَّة، وعوامل تراكمية خلال الزمن، مثلا التعليم فى المدارس لو أخذ ناحية دينية وحض على كراهية الآخر وعدم قبوله، الطفل هيكبر وسيأخذ خط العنف والإرهاب فهنا ناحية تربوية، أو يريد أن ينتقم من الدولة فيأتى على ورقة الأقباط، وهكذا حال الأقباط عبر تاريخهم الطويل، الكنيسة القبطية تسمى كنيسة الشهداء وتدعَى «أم الشهداء»، والتقويم القبطى بدأ حسب التاريخ الميلادى عام 284 ميلادية وهى السنة التى اعتلى فيها دقلديانوس عرش الإمبراطورية الرومانية وهو أشهر إمبراطور اضطهد المسيحيين فى العالم.
■ هناك من يعتقد أن المحبة غابت بين المصريين؟
- لا.. المحبة والجيرة والشعور الإنسانى المتبادل ونقاوة النية، موجودة وباتساع.. منذ خمسة أيام، زارنى 12 شخصا من رموز العمل الوطنى منهم القاضى والصحفى والفنان، كلهم أتوا ليقولوا «حقك علينا»، طبعا مشاعرهم الطيبة تفرح القلب، ومصر لا تزال بخير.
■ هل يمكن للإرهاب أن ينتصر فى مصر؟
- الإرهاب هو النغمة النشاز، فالمرض استثناء فى حياة الإنسان والأصل هى الصحة وبالتالى فى حياة الدول الإرهاب استثناء، والأصل هو الحياة الطبيعية.
■ هل هناك احتمال للتدخل الخارجى فى مصر؟
- نرفضه تماما ونرفض أى شخص أو جهة أو دولة تتدخل فى شؤوننا الداخلية، تحت أى ذريعة، يعنى مثلا تدخل تحت ذريعة حماية الأقلية، أى الأقباط، نحن نرفض أى حماية، نحن نحتمى بالله ونحتمى بإخوتنا المصريين فقط.
■ وما رأيك فى التعديلات الدستورية؟
- التعديلات الدستورية لا تزال تحت المناقشة والحوار، واللجنة المشكَّلة من خبراء 10 ثم لجنة الخمسين التى تمثل كل أطياف المجتمع المصرى، الكنيسة ممثلة فيها، وحسب ما قُدِّم فإنها تعديلات مقبولة، وأحب أن أشير إلى أن الدستور يجب أن يكون رضائيا وتوافقيا، ولا يصح أن يوافق عليه 60٪ من الشعب، المفروض أن يكون دستورا يصل لأعلى درجة من الإرضاء يعنى 90٪ مثلا.
■ ماذا عن هجوم أردوغان على شيخ الأزهر؟
- قبل هذه المقابلة كنت أحدِّث شيخ الأزهر وأعلن تضامنى معه، ونرفض المساس بالرموز الوطنية والدينية، وهذا التطاول وهذه البذاءة عندما تخرج من شخص يحتل منصبا حكوميا رفيعا فإنه أمر غير مبرر وغير مقبول.
■ حضرتك كنت طبيبا صيدليًّا، ما روشتة العلاج لمصر؟
- ينبغى أن نعمل على جمع كل أطراف الشأن المصرى، ويستثنى كل من حمل سلاحا أو تسبب فى عنف، وشىء طبيعى أن المسلمين يكون لهم رؤى متنوعة وكذلك المسيحيين، فالحياة بُنيت على التنوع، والروشتة يكون فيها دواء رئيسى، أو العلاج الأول، وهو القانون وإعمال القانون بكل حسم، وبناء قانون قوى وفعال ونافذ هو ما يضبط البلد، مع هذا العلاج هناك علاج فرعى فى التعليم والمساواة وعدم التمييز والإعلام وعدم الإساءة.
■ لماذا لم يعد الأقباط ورقة ضغط فى يد الإدارة الأمريكية؟
- لأن الإدارة الأمريكية تقيِّم قراراتها على أساس المنفعة والمصلحة، وممكن تضرب عرض الحائط بأقرب قريب وأكثر صديق للأسف، لكن المبادئ الإنسانية والأخلاقية التى تحكم العلاقات غائبة، كما ذكرت فى الماضى كانوا يكبّرون موضوع عشان كنيسة صغيرة وقع لها حادث، فكانت ورقة الأقباط وورقة التدخل والأقليات، أما اليوم مع هذا الكم الضخم وما حدث مع الكنيسة ولم تحرك ساكنا، والحقيقة هذه علامة استفهام كبيرة.
الأقباط المسيحيون فى مصر بيهاجروا لدول كبيرة، ورغم هجرتهم، انتماؤهم المصرى لا يقل ولا يضعف، والأحداث التى وقعت مؤخرا فى الشهرين الماضيين، فيها اعتداء صارخ على الأقباط، ولأنهم جزء من الشعب المصرى وقفوا وقفة شعب، الثورة هى وقفة شعب، ساندها الشرطة والجيش والقضاء والإعلام، والشعب بمكوناته من مسلمين ومسيحيين، ولما الشعب يدافع عن الشرطة والجيش والثقافة والقضاء والفن هذا دوره، أما أن الإدارة الأمريكية لا تستمع إلى صوت شعب وإلى كل هذه الأركان التى تكون البيت المصرى، وتستمع فقط وبدعايات كاذبة إلى صوت جماعة أو حتى صوت حزب، كله مغلوط ومرفوض تماما، وهنا يظهر معدن الرجال، وإذا كان الأقباط تعرضوا لضيق، فلم يظهر الصديق، وحسابات المصالح، ولا أجد إجابة، ربما كان فى تفكير معين فى منطقة الشرق الأوسط الكبير وربما كان التنفيذ لجماعات معينة، ربما هذا الأمر كما نقرأ فى الصحف والميديا العالمية وكانت النتيجة المشروع الذى بنوه تفكك واضمحلّ وكل الخطط القائمة عليه انتهت، والنتيجة مش هنقف مع الأقباط، ومع المصريين كلهم.
■ هل «الإخوان» تحرِّض على الجيش المصرى؟
- الجيش المصرى قوى وعظيم وله قادة عظام وشرفاء، يتعرضون لهجمة شرسة، وهو أحد أغراض الجماعة.
■ هل الجيش صمام أمان لمصر؟
- طبعا صمام أمان لمصر، والجيش المصرى له خصوصية فهو يمثل كل مصر، وليس طائفيا، وكل من فى الجيش أولادنا وإخوتنا، ويعملون بطريقة الضبط والربط، لذا هى المؤسسة المنضبطة جدا على أرض مصر، وكما ظهر فى الأحداث الأخيرة أنها صمام الأمان، وأجمل ما حدث أنها لا تطمع فى السلطة وهذا شىء مهم، وإن كان لها وجود فى السلطة فى أى درجة من الدرجات فهذا للضبط والربط وهو فى صالح الشعب.
■ ما أسباب سقوط حكم الإخوان؟
- أخطاء غياب الكفاءة، كما قلت، هناك مثل مصرى يقول «الطمع يقلّ ما جمع»، هناك أسطورة مصرية جميلة، تتكلم عن واحد قيل له اركب الحصان وارجع قبل الغروب، مشى مسافة كبيرة، وظل يتمادى، وعندما جاء الغروب كان قد مات.. هم نجحوا ووصلوا إلى السلطة ولم تكن فى هدفهم المعلن، بل المعلن كان المشاركة لا المغالبة، فصارت المغالبة فى كل شىء، وطريقة اطمع اطمع، فكانت النتيجة أن ذهب كل شىء.
■ هل أنت متفائل للأيام القادمة؟
- متفائل جدا، فلا يستمر ليل، لكن سيأتى نهار، وأعتقد حيوية الشعب وصحوته الأخير ستكون مصدر النهار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق