"لم يكن عدم تفقد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، لموقع انفجار الاتحادية، الذى وقع أمس وراح ضحيته ضابطان من رجال الشرطة، والعشرات من الإصابات الخطيرة، محض الصدفة، أو الانشغال بأمور الوزارة.
الوزير المقصر
لم يقتصر الأمر على عدم التفقد، بل وصل لعدم مشاركته فى الجنازة العسكرية للشهداء، والتى لم يتم إقامتها فى مسجد الشرطة بالقاهرة، وتم نقل جثامين الشهداء إلى مقرات إقامتهم بمحافظاتهم وتم تشييعهم بمشاركة أقاربهم، وأبناء قريتهم، وهذا بمخالفة الأوضاع التى كانت تتم جراء الانفجارات الماضية والتى تحدث بشكل عام منذ إسقاط تنظيم الإخوان الإرهابى فى ثورة 30 يونيو، حيث كان إبراهيم من الأوائل الذين يتجهون لموقع الحادث وتخرج تصريحاته الدائمة بالقضاء على الإرهاب والتى لا تغنى أو تسمن من جوع.
وإنما اقتصر موقف إبراهيم، أمس بشأن انفجارات الاتحادية، بتصريح مقتضب للوكالة الرسمية، بأن انفجار الاتحادية لن يزيدهم إلا إصراراً على مواجهة الإرهاب، بالَإضافة إلى عدم ظهوره بشكل عام طوال اليوم، وهو الأمر الذى فسره البعض بأن الوزير"فص ملح وداب"، ولم يخرج كالمعتاد فى تصريحات لوسائل الإعلام بشأن دور وزارة الداخلية فى إعادة الأمن ومواجهة الأعمال الإرهابية.
الوزير.. "فص ملح وداب"
وجاء غموض موقف الوزير وعدم ظهوره فى ظل ما تردد بشأن التقصير من الخدمات الأمنية المُكلفه بتأمين محيط قصر الاتحادية، هذا بالإضافة إلى أن موقع الانفجار ما هو إلا إحراج كبير للوزير خاصة أنه بمحيط قصر الرئاسة، للرئيس عبد الفتاح السيسى، وهذا يعد مؤشرا خطيرا بأن موجة الانفجارات وصلت للقصر، خاصة فى ظل وجود تهديدات مسبقة بشأن جماعة إرهابية أعلنت فى بيان لها يوم الجمعة الماضى، بشأن زرعهم لعبوتين ناسفتين في الزراعات الموجودة بزاوية القصر عند المدخل إلى شارع الأهرام من طريق الميرغني، حيث ذكرت أن سرية تابعة لها تمكنت من اختراق قصر الاتحادية الرئاسي في 18 يونيو، وفخخت مكان اجتماع قيادات الأجهزة المسئولة عن تأمين القصر، كما زرعت عبوات ناسفة عدة بمحيط القصر لاستهداف القوات.
الفاتحة على الخاين
"موقف الوزير" وغموضه يُعيد بنا التفكير فى شخص الوزير، وما هى الملابسات الخاصة باستمرارية وجوده، فى كل العصور سواء من تنظيم الإخوان الإرهابى بحكومة هشام قنديل، وأيضا حكومة د.حازم الببلاوى، وحكومة المهندس إبراهيم محلب، حتى الآن بالرغم من علامات الاستفهام، وهذا الأمر الذى يفرض تساؤلات حول مدى إمكانية استمرار "رفيق السيسي" في تحمل مسئولة المرحلة الانتقالية عقب الإطاحة بنظام الإخوان استجابة للإرادة الشعبية في عمله من عدمه، وهل سيكون "كبش فداء" للتفجيرات الحالية، خاصة أن بعض المصادر الأمنية صرحت بأن الرفقاء "السيسى وإبراهيم " قرآ الفاتحة مع بعضهما البعض مع اندلاع ثورة 30 يونيو بشأن الانضمام لإرادة الشعب وعدم حماية نظام الإخوان خاصة فى ظل الغضب الشعبي تجاهه، والالتزام بالاستمرار فى مناصبهم حتى القضاء على الإرهاب.
وبهذه الصورة حسب رؤية "المصادر الأمنية" فإنه من الصعب أن تتم إقالة وزير الداخلية من منصبه، رغم التقصير الأمنى، ومحطته الأخيرة بالاتحادية، وذلك احتراما "للفاتحة"، حتى يكون موعد تغير وزير الداخلية أعقاب البرلمان المقبل وتشكيل الأغلبية للحكومة، وهذا يعطى مؤشرا أن رفيق السيسى فى الإطاحة بالإخوان مستمر حتى انتهاء الإستحقاق الانتخابى الثالث وهى الانتخابات البرلمانية.
اكتمال مثلث الفشل
وبالعودة إلى فترة محمد إبراهيم بعهد الإخوان.. نرى أن الغضب الشعبى ضد وزير الداخلية وصل للأفق وطالب الجميع بإقالته قبل ثورة 30 يونيو، إلا أنه بقيام الثورة أصبح رمزا كبيرا خاصة فى ظل استهداف رجال الشرطة وقتلهم مما أصبح الشعب يتقبل وجوده رغما بحجة الأوضاع التى تمر بها البلاد من انفلات أمنى وتفجيرات ولكن استمرارية هذا الأمر أكد حقيقة الأمر فى أنه وزير ضعيف، غير قادر على حماية رجاله قبل أن يؤمن الشوارع والميادين .
"اللي عايز يجرب يقرب" بهذه الكلمات خرج إبراهيم متفوهاً على صفحات الجرائد قبل احتفالات الشعب المصرى بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، حيث قالها الوزير بثقة كاملة لتهتز القاهرة على وجه السرعة بعد أيام بتفجير مديرية أمن القاهرة ومتحف الفن الإسلامي قبيل الذكرى الثالثة للثورة في 24 يناير الماضي، وأيضا الأعمال الإرهابية بمحطة مترو البحوث وسينما رادوبيس بالهرم، ولم تكن مديرية أمن القاهرة هي الوحيدة التي تعرضت لأعمال إرهابية في عهد "إبراهيم"، حيث سبقها تفجير مديرية أمن الدقهلية في ساعة مبكرة من صباح 24 ديسمبر 2013، وذلك بسيارة مفخخة، ما أسفر عن تدمير أدوار منها، ومقتل 14 وإصابة 130 بينهم مدير الأمن.
وفي 5 سبتمبر 2013، تعرض وزير الداخلية نفسه لمحاولة اغتيال فاشلة عند مرور موكبه في شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر بالقرب من بيته، بوضع عبوة ناسفة كبيرة تزن أكثر من 150 كيلوجرامًا من المتفجرات في حقيبة إحدى السيارات، حيث اكتمل هذا المثلث فى الفشل الأكبر بتفجيرات محيط قصر الاتحادية، التي أسفرت عن استشهاد العقيد أحمد العشماوي، أحد القادة المسئولين عن تأمين القصر، والمقدم محمد لطفي، الضابط بإدارة المفرقعات، وسقوط 13 مصابًا، نتيجة الانفجار.
يشار إلى أن إبراهيم شغل منصب مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون – قبل أن يتم تكليفه من قبل د. هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، بعهد الإخوان، خلفا للواء أحمد جمال الدين.
نقلا عن الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق