الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

«شرعية» لله يا محسنين .. تحليل شخصية المعزول من خلال انفراد «الوطن» بالفيديو والتصريحات

«شرعية» لله يا محسنين..«الوطن» تعيد نشر الانفراد التاريخى بالتحليل: «كارثة».. اسمها «مرسى»

أستاذ الطب النفسى د. يسرى عبدالمحسن يقرأ شخصية «المعزول» من خلال انفراد «الوطن» بالفيديو والتصريحات
كتب : رحاب لؤى تصوير : خالد عبدالعاطى  
الثلاثاء 12-11-2013
محمد مرسي محمد مرسي
لم يكن انفراداً فحسب، بل كان اختراقاً لمستحيل «لم نعترف به». بمجرد أن نشرت «الوطن» تسجيلات الرئيس محمد مرسى من داخل مقر حجزه قبل نقله للمحاكمة ومنها إلى سجن «برج العرب» حتى قامت الدنيا ولم تقعد.. ربما حتى الآن. البعض تساءلوا: «كيف؟»، وآخرون وقفوا أمام التوقيت (قبل المحاكمة بيوم)، بينما لم يكن لنا هدف إلا «أنت». ولما كان الانفراد مثيراً لردود فعل «غير مسبوقة» كان لزاماً علينا أن نعيد نشره بمزيد من «التحليل العميق» لنفهم وندرك إلى أى «كارثة» كان يقودنا -وطنا وشعبا- هذا الرجل.
«هو ينفع رئيس جمهورية يتحاكم؟!».. سؤال طرحه الدكتور محمد مرسى، الرئيس المعزول، على كل من زاره، خلال فترة احتجازه السابق، منذ عزله فى 30 يونيو وحتى موعد محاكمته، وهو المكان الذى لم يعلن عنه أو يحدد حتى الآن. البعض يتعاطف مع الرئيس المعزول، والبعض يرى أنه يستحق عقابا يكافئ الأخطاء التى اقترفها فى حق نفسه وفى حق البلاد والعباد.. وجاء انفراد «الوطن» بنشر أول فيديو للرئيس المعزول من مقر احتجازه السرى ليقدم الكثير لكلا الطرفين؛ حيث احتفى به كل من المؤيدين والمعارضين.
تشير أدبيات «الاتصال الشخصى» إلى أن اللسان يقول 30% من الحقيقة، بينما يقول الجسد بحركاته غير الإرادية 70% منها، صحيح أن المرء مخبوء تحت لسانه، لكنه مخبوء أيضا تحت حركات يديه وقدميه وعينيه، تفاصيل خاصة جدا، ودلالات نفسية خاصة، يحللها الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للطب النفسى.
دلالات نفسية عديدة لشخصية الدكتور محمد مرسى، قدمها انفراد «الوطن»، تكمن أهميته ليس فقط فى كون الرئيس المعزول على سجيته تماما فيه، ولكن لأنه جاء فى توقيت دقيق، خلع خلاله «مرسى» عباءة الرئيس المؤمن المتزن، فجلس خلال حديث ودى يطرح رؤاه وأفكاره بمنتهى التلقائية والوضوح، ما أعطى صورة حقيقية عن طبيعة الشخصية التى كانت تحكم البلاد.
يبدأ التحليل النفسى للدكتور محمد مرسى من لون ملابسه التى اختارها خلال الجلسة، تريننج باللون الأزرق، جلس فيه بأريحية يحاور ضيوفه: «الحكم على دلالة اللون الذى ارتداه الرئيس محمد مرسى خلال الحديث يتوقف على أمرين: إما أن يكون إجباريا، أى أنه لم يكن متاحا له الاختيار من بين ألوان أخرى لملابسه، حينها لا يكون له دلالة نفسية؛ لأنه لم يختَره بمحض إرادته، أما إذا كان أمامه العديد من الملابس بألوان مختلفة، واختار هذا اللون تحديدا، فيمكننا هنا أن نعقد علاقة بين لون هذه الملابس وألوان بذلاته التى كان يرتديها خلال فترة رئاسته، والتى يلاحظ أنها كانت جميعا كحلية أو زرقاء غامقة أو سوداء، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أنه يميل إلى الألوان الكلاسيكية التقليدية، تلك الألوان الخاصة بالمناسبات التقليدية، هو لا يميل إلى الاستعراض بالموضة أو ارتداء ملابس فيها تغيير ملحوظ أو لافت فى الشكل أو اللون، وهو ما يعنى أيضا أنه شخصية متحفظة وتقليدية، ملابسه كلها تشير إلى أنه شخص لا يساير التطور».
الدكتور عبدالمحسن، الذى لفت نظره ألوان ملابس الرئيس السابق، أكد أن التزام المرء بمثل تلك الألوان الداكنة دليل على كراهية التطور وانعكاس لأسلوب حياة نمطى بحت والتزام شديد بقواعد معينة فى حياته من خلال نظم وأساليب معينة.
«مرسى» يعانى من «عقدة نقص».. مصاب بـ«الضلالات».. و«مهزوز»
يلفت أستاذ الطب النفسى إلى التوتر الذى بدا واضحا فى حركات جسد «مرسى»، يدان تتحركان فى كل اتجاه، وقدمان تهتزان بانفعال، يقول الدكتور يسرى: «تحريك الأطراف باستمرار أمر يعبر عن عدم الثبات الحركى أثناء التعبير، وهو ما يشى بتوتر وعدم استقرار وقلق وتردد وانفعال وعدم ثقة، وفى نفس الوقت هو أسلوب يلجأ إليه مرسى للإقناع، فحين يصحب الحديث حركات مبالغ فيها باليدين والقدمين، يعبر هذا عن أقصى درجة من درجات الإقناع للغير، التى يحاول صاحبها أن يقنع محدثه بأى طريقة، دون أن يكون لديه حجة إقناع سوى التعبير اللفظى فقط».
حركة مستمرة لعين الرئيس المعزول فى أرجاء الغرفة، علامة أخرى مميزة لفيديوهات الانفراد، يحللها الدكتور يسرى: «هى ممارسة تعبر عن عدم الاستقرار وعن أن صاحب العينين الحائرتين شخصيته مهزوزة، يسعى إلى الهروب بالبصر من الموقف بألا يركز فى شىء واحد ثابت، وهذا الهروب يخفف من وطأة الارتباك، الذى قد يكون سببه الأسئلة المفاجئة، لسائليه، التى قد لا تكون لديه إجابات عنها».
حين تابع أستاذ الطب النفسى الحوار لأول مرة، لاحظ بعين المحلل النفسى مجموعة من السمات الخاصة جدا لـ«مرسى»: «خطر فى بالى العشوائية، كان يرد ردودا عشوائية، غير منطقية، غير ثابتة، ويكرر الجمل أكثر من مرة». يعلل «عبدالمحسن» التكرار الذى مارسه «المعزول» بأنه يعنى عدم الشعور بالثقة: «صاحب الحجة والبرهان واليقين لا يحتاج إلى التكرار، لكن التكرار سمة من سمات الشعور بعدم جدية وجدوى الحديث؛ لذلك يلجأ المتحدث إلى تكراره كى يقنع من أمامه بما يقول».
مع ذلك يشير المحلل النفسى إلى أن المعلومات المغلوطة التى ذكرها الرئيس المعزول حول عدد ضحايا «رابعة العدوية» وغيرها من الأحداث، معلومات يقولها عن اقتناع: «هو فى قرارة نفسه مقتنع لا شعوريا بالكثير من المعلومات المغلوطة التى ذكرها عبر الحوار، والتى تنم عن أنه يعيش فى وهم وضلالات مقتنع بها تماما، ويريد طوال الوقت توصيلها لمحدثيه».
لاحظ «عبدالمحسن» أيضا حالة من عدم الاستقرار لدى «مرسى»: «مش ثابت فى قعدته، مع إنه المفروض كان رئيس دولة، يعنى متعود على طريقة معينة فى الجلوس والحديث، لكن الفيديو بيوضح غياب الثبات، وإنه شخص نسى إنه كان يوما ما رئيس دولة، تحت إضاءة وتصوير، وإنه لا بد أن يكون له وضع خاص، لكنه مع ذلك قعدته ما كانش فيها وقار ولا التزام ولا حشمة».
يعزى الدكتور يسرى عبدالمحسن كل هذه العيوب إلى ما قال عنه «نقص التدريب»، مشيرا إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسى لم يتلق قسطا كافيا من التمرين على خوض مثل هذه المواقف: «هو مش متمرس، للأسف كان محتاج قوى تدريبات على البروتوكول وأصول المقابلات وطريقة الحديث وكيفية التصرف فى الردود على الأسئلة».
لون ملابسه فى الفيديو المصور يؤكد أنه «شخصية تقليدية ترفض مسايرة التطور»
حين يتأمل أستاذ الطب النفسى التحليل الذى توصل إليه ويقارنه بموقع الدكتور محمد مرسى السابق كرئيس جمهورية يقول: «كان واخد الرياسة جدعنة كده، واخدها بصورة تقريبية، مش بصورة التزام صارم وأمر له قواعد، للأسف كان بيتعامل مع مصر كأنه بيدير عزبة أو صحبة أو شلة أو جماعة، مش دولة كبيرة بحجم مصر، لذلك كنا دايما ننصح إنه يلتزم بقواعد معينة وإن حد يبصّره وينبهه، وكنا بننصحه إنه يقرا كلماته من ورق أفضل بكتير من الارتجال اللى بيوقعه فى أخطاء».
يعقد الدكتور يسرى عبدالمحسن مقارنة بين الرئيس المصرى الحالى المستشار عدلى منصور والدكتور محمد مرسى، فيقول: «رجل الدولة هو رمز للدولة، ووظيفته السابقة لا ينبغى أن تحكم طريقة حكمه للبلاد، ليس عيبا أن يتعلم ويتمرن على طريقة التعامل فى سياق منصبه الجديد كرئيس للجمهورية، المستشار عدلى منصور، كرئيس للمحكمة الدستورية العليا، لم يكن أبدا يتصور أو يخطر على باله أنه سوف يصبح رئيسا للجمهورية، مع ذلك تعامل مع المنصب الجديد بمنتهى الاحترافية والاتزان والعقلانية والفصاحة والرقى فى التعبير من كل الجهات، لا يمكن أن نرى له خطأ يُذكر، ولا مجال للحديث فى وجوده عن أمور مثل (خلينا نسيب رئيس الدولة على سجيته)، فنرى مهازل مثل رئيس يعدل من وضع بنطاله أمام الكاميرات ويبصق ويتمخط، وغيرها من الأمور التى لم تكن لتصح أبدا، فنحن فى دولة ولسنا عصابة».
«هو انت ما بتقوليش يا ريس ليه؟».. سؤال لم يكل ولم يمل «مرسى» من توجيهه إلى كل من تعاملوا معه منذ 30 يونيو وحتى الآن، ليس هذا فحسب، فعلى الرغم من اعترافه بأن الملايين نزلت ضده فى 30 يونيو، فإنه يعود دائما ليناقض نفسه أمام كل شىء يقوله، فمثلا الملايين -حسب رؤيته- نزلت فى 30 يونيو، لكنهم عادوا قبل الساعة الواحدة صباحا! وإن كل الكوارث التى حلت بالبلاد فى عهده مجرد «أخطاء سياسية» وإن الغضب الشعبى العارم والتجاهل المتعمد من جانبه لآراء الشارع وتصميمه على حكومة هشام قنديل «أمر يمكن تقديره».. العديد من الأمور المتناقضة جعلت متابعى الانفراد يتساءلون: «هل يعترف محمد مرسى بـ30 يونيو أم يرفضها؟ هل يعترف بأخطائه ويتجهز للمحاسبة عليها أم ينكرها؟»، والأنكى من هذا كله نكرانه للكثير من التفاصيل التى سمعها الجمهور ورآها، أبرزها تعهده قبيل الرئاسة باحترام إرادة الشعب، وجملته الشهيرة: «لو 10 نزلوا ضدى هاستقيل».
يقول الدكتور يسرى عبدالمحسن: «سؤاله المستمر عن سبب تجاهل الناس لكلمة (رئيس) وتأكيده المستمر أنه الرئيس ما هو إلا نوع من عقدة النقص والإحساس بالدونية؛ فأنا مثلا طبيب ومقتنع بذلك حتى لو أنكر الناس ذلك، فهل أغضب على مساعدى إذا لم ينادنى بدكتور؟ وهل أعتبر أحدهم مخطئا إذا لم ينادنى باسمى، فأقول له قل لى يا دكتور فلان؟ تعمد المرء السؤال عن لقب ما لا ينطقه الناس هو محاولة لتأكيد وإثبات شىء غير موجود، هو يحاول أن يثبت لنفسه أنه ما زال فى هذا المنصب وما زال يحكم، وهذه كلها أوهام وضلالات يخدع نفسه بها ويغشها».
حركات جسد «مرسى» سواء بتحريك يديه أو هز قدميه بانفعال أثناء الحوار عكست توتره وقلقه وتردده
رغم ذلك كله لا يرى الدكتور يسرى عبدالمحسن أن حالة رئيس الجمهورية المعزول الدكتور محمد مرسى تستحق العلاج، يقول: «لديه ضلال فكرى حقيقى، لكنه لا يستأهل العلاج إلا إذا جاء ضمن منظومة كاملة تصاحبها أعراض وتصرفات أخرى، مثل سلوكيات شاذة أو عواطف وانفعالات شاذة أو إرادة ضعيفة».
نكران الوعود التى سبقت انتخابات الرئاسة ونكران المكالمات والتصريحات أيضا مسألة يصفها الدكتور يسرى عبدالمحسن بأنها «حالة من خداع النفس، شخصية غير ناضجة، وغير واعية، وغير مدركة لحقيقة الأمر، جاء إلى رئاسة جمهورية مصر العربية فى غفلة من الزمان، وهذا ينطبق أيضا على ما قاله عن إسرائيل؛ فمن ناحية يصفها بأنها الشيطان الأكبر، ومن ناحية يرسل لرئيس وزرائها رسالة تصفه بالصديق الوفى، هذا ليس إلا دليلا على تشتت الفكر وعدم الانضباط وغياب الانتظام والتفكير المسترسل، عقل لا يسير على وتيرة واحدة».
رغم هذا الكم الكبير من التضارب والتناقض، فإن الدكتور يسرى عبدالمحسن ما زال يرى فرصة لدى الرئيس المعزول محمد مرسى كى يحيا حياة طبيعية إذا ما برأته ساحات المحاكم: «لن يحتاج إلى الخضوع لعلاج نفسى، لكنى أنصحه إذا ما كُتبت له البراءة أن يبتعد تماما عن الحقل السياسى، وأن يعيش الحياة الطبيعية المتناسبة مع شخصيته، البسيطة، العشوائية، الارتجالية، ويقوم بمهنته التى تخصص فيها، بعيدا عن الأجواء السياسية، وأنصحه أيضا ألا يتحمل أى مسئوليات جسيمة كتلك التى تحملها خلال العام الماضى، عليه بمسئولية بيته ووظيفته فقط». 
الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق