لا يخفى على احد الدور الذى لعبته قطر منذ تولى
حكم الاخوان فى مصر و الدفاع عنهم حتى بعد سقوطهم حتى وصل الامر الى تمويل
ارهابيين بملايين اليورو لاجل تحقيق اهدافهاا السياسية فى المنطقة.
فعندما بدأ توفيق عكاشة مهاجمة دولة قطر، وبالتحديد الشيخة موزة الحاكم
الفعلى للبلاد، كان الرجل يظن بعفويته المصطنعة أنه يستطيع أن يرد بعض من
أفعال قطر منذ بداية الثورة المصرية فى 25 يناير وحتى الآن. وهو ما جعل
السفير القطرى فى مصر يصرح للمقربين منه وهو منفعل: «كم يساوى توفيق عكاشة
هذا. اثنين مليون جنيه واتخلص منه».
والحقيقة أن عكاشة قد تجاوز حدود المهنية والذوق والآداب العامة فى نقد
الشيخة موزة. لكن عكاشة أراد أن يخدم لذلك (زودها حبتين) فانفلت منه
العيار، فى الوقت الذى كانت الحكومة المصرية تريد الاقتراب والصلح مع قطر.
وفى أحد اجتماعات مجلس الوزراء اقترح الدكتور زياد بهاء الدين ضرورة
الصلح مع الحكومة القطرية، واستغلال تغيير القيادة فيها لإقامة علاقات
جديدة، فقطر لها دور كبير وفاعل فى الأوساط الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى
لما تملكه من مشروعات كبيرة ودخولها فى شراكة مع شركات عالمية ضخمة. كما
أنها تستطيع أن تؤثر بشكل كبير فى الدوائر الاقتصادية، وفى السوق
الأوروبية، وفى الجهات السياسية المختلفة.
وزراء المجموعة الاقتصادية وافقوا على هذا المقترح، وقد أدلى كل منهم
بدلوه فى مزايا التقارب المصرى القطرى. وفكروا فى كيفية التخفيف من تعقيدات
الأمور، خاصة فى قضية الأخ عكاشة الذى كان أكبر المشاكل مما أدى إلى غلق
قناته – ستعود فى بداية أكتوبر – ترضية للقطريين بعد تجاوز الأخ على الشيخة
موزة.
لكن يبدو أن السادة القطريين يلعبون فى الخفاء ألعابًا قذرة. ففور تولى
الدكتور خالد بن محمد العطية، المتعلم فى مصر، وهو من مواليد 9 مارس 1967،
وكان طيارًا ورجل أعمال وسياسى، وقد عُين وزيرًا للدولة للشئون الخارجية
وعضوًا بمجلس الوزراء فى عام 2011، حتى تم تعيينه وزيرًا للخارجية فى حكومة
الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثان فى 26 يونيو 2013، وهو حاصل على درجة
البكالوريوس فى العلوم الجوية من كلية الملك فيصل الجوية فى عام 1987،
وحاصل على شهادة الماجستير فى القانون العام فى 1999 من جامعة عين شمس،
وكذلك الدكتوراة فى القانون من جامعة القاهرة عام 2006.
وقد بدأ العطية مسيرته طيارًا مقاتلًا وانضم لسلاح الجو القطرى بين
أعوام 1987-1995، ثم غادر السلاح الجوى وأنشأ مكتب محاماة عام 1995. ومن
عام 2003 إلى 2008 شغل منصب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. ثم شغل
منصب وزير الدولة للتعاون الدولى 2008-2011، وفى عام 2009، أصبح عضوًا فى
مجلس إدارة مؤسسة صلتك، وهو أيضا عضو مجلس الإدارة ورئيس اللجنة التنفيذية
لشركة الديار، وعضوًا فى مجلس إدارة شركة الكهرباء والماء القطرية. فور
توليه مهمة وزير الخارجية قام بزيارة ألمانيا، والتقى هناك بمجموعة من
السياسيين الألمان ووزير الخارجية وكذلك المستشارة الالمانية ميركل. وآخر
من قابلهم العطية كان وزير الدفاع توماس دى ميزير، وقد اتفق معه على صفقة
أسلحة كبرى ثمنها 500 مليون يورو تدفعها دولة قطر فى نظير شراء أسلحة خفيفة
وشبه ثقيلة وبعض الأسلحة الثقيلة.
وكان من بين تلك الأسلحة الألمانية أسلحة مضادة للدبابات والمدرعات،
وأخرى مضادة للطائرات، والغرض من شرائها كان تكوين جيش مصرى حر، على غرار
الجيش السورى الحر، لعودة مرسى للحكم بالقوة ومساندة الإخوان فى حربهم مع
الجيش المصرى.
الصفقة كانت هى الأضخم التى دخل فيها وزير الخارجية القطرى لمساندة
أتباع المخلوع محمد مرسى، ومساندة شباب الجماعة فى التصدى للجيش المصرى،
وحلم القطريين كان تكوين جيش مصرى حر تتكون عناصره من شباب إخوان مدربين
على فنون القتال بجانب النازحين إلى سيناء من دول أفغانستان والسودان
وفلسطين – كتائب عز الدين القسام – والعراق وسوريا والصومال.
صفقة الأسلحة الباهظة التى اشترتها قطر من ألمانيا كانت ستدخل إلى مصر
عبر طريقين، الأول طريق الغرب عبر ليبيا، والثانى من ناحية الجنوب عبر
السودان. وهو ما جعل الجيش المصرى يكثف حملاته للقضاء سريعًا على البؤر
الإرهابية فى سيناء قبل أن تصل إليهم تلك الأسلحة الحديثة.
بعدها كانت قناة «الجزيرة مباشر مصر» تستعد لتصوير عناصر من الإخوان
بالزى العسكرى الجديد ليعلنوا عن تكوين الجيش الحر المصرى، لكن مع تكثيف
الحملات، وتدخل الجيش المصرى بقوة فى سيناء فقدت المؤامرة قوتها، خصوصًا
بعدما تم القبض على زعماء الحركة الإسلامية فى صحراء سيناء.
القطريون لم يكتفوا بما فعلوه فى مصر خلال العامين الماضيين، ومازالوا
مصممين على دعم الإخوان بأى شكل وبأى تكلفة. فالتدخل القطرى ماديًا
ومخابراتيًا واقتصاديًا وإعلاميًا من أجل مساندة الإخوان للوصول إلى الحكم
وصل إلى أبعد مما يتخيله الكثيرون. فقد كان مدير المخابرات الحربية القطرى
أحمد بن ناصر بن جاسم يزور مصر بشكل متكرر، وكانت زياراته تتم بشكل مستفز
للسلطات المصرية، فسجلات الزائرين لمطار القاهرة كشفت عن كثافة هذه
الزيارات، حيث كان يدخل مصر بجواز سفر دبلوماسى من الطريق العادى للركاب،
ومن دون المرور باستراحة كبار الزوار وفقًا للبروتوكول المتبع فى الزيارات
الرسمية لمثل تلك الشخصيات.
زيارة مدير المخابرات العسكرية القطرى كانت تستهدف لقاء عدد من قيادات
جماعة الإخوان المسلمين على رأسها المرشد العام محمد بديع، وكانت إحدى تلك
الزيارات من أجل مناقشة سبل علاج أزمة سجن 11 من أعضاء الإخوان فى
الإمارات، ومحاكمتهم بتهمة قلب نظام الحكم، بالإضافة إلى مناقشة بعض
الملفات الأمنية بالتوازى مع الحديث عن زيارة أخرى غير معلنة قام بها قائد
«فيلق القدس» الإيرانى قاسم عباسى لمصر.
زيارات رئيس جهاز المخابرات العسكرية القطرى المتكررة إلى القاهرة، لم
تكن بغرض التواصل مع القيادات الإخوانية فقط، وإنما أيضًا لمتابعة
استثمارات خاصة به، وأشهرها مجمع سينمائى ترفيهى شهير يطل على كورنيش
القاهرة فى منطقة المنيل، وهى بالمصادفة المنطقة التى تضم مقرًا رئيسيًا
لـ«حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لـ «الإخوان المسلمين» بالإضافة
إلى استثمارات أخرى تملكها شركات قطرية كبرى يشارك فى أسهمها عدد من أفراد
الأسرة الحاكمة فى قطر.
لكن أخطر تلك الزيارات التى تمت كانت قبل انتخابات الإعادة ما بين مرسى
وشفيق، وقد اجتمع ناصر بعدد من الشخصيات المصرية وهم حمدين صباحى والدكتور
عصام العريان والدكتور محمد البلتاجى والدكتور صفوت حجازى ولاعب كرة القدم
المعتزل نادر السيد والفنان محمد صبحى ورجل الأعمال صاحب أكبر معارض
للسيارات سمير ريان.. وكان الاجتماع فى فيللا فى 99 طريق المطار، وهى فيللا
مملوكة لرجل أعمال ليبى يدعى (سفراكس)، وهو صاحب مول صن سيتى الشهير فى
مصر الجديدة، كما أنه أحد أبرز المعارضين لنظام القذافى وعن طريقه استطاعت
قطر أن تمول المعارضة الليبية بالأسلحة والمال.
الاجتماع خرج منه حمدين بعد عشر دقائق من انعقاده، وهو يردد كلمة واحدة
فقط – دى خيانة دى خيانة – والغريب أن صباحى بعد عدة أيام نفى أن يكون قد
ردد تلك المقولة – كعادته – وبرر خروجه من الاجتماع لارتباطه بمواعيد خاصة.
الاجتماع دار حول كيفية دعم مرسى فى انتخابات الإعادة، وسلم الرجل وقتها
لقيادات الإخوان مبلغ 50 مليون دولار للصرف على حملة مرسى فى الإعادة،
ونبههم إلى أن نجاح مرسى هى مسألة حياة أو موت. وهددهم فى حالة فوز شفيق
سيدخل الجميع إلى السجن، وسيعاد إنتاج نظام مبارك، وطرح عليهم فكرة تضخيم
عودة نظام مبارك إلى الحكم بعد الثورة كى يستقطبوا أكبر عدد ممكن من
الشباب، ومن القيادات الثورية وهو ما تم بالفعل فى اجتماع فندق فيرمونت
الشهير بمبايعة مرسى للحكم، وقد التف حوله عدد كبير من الرموز الثورية من
أصحاب النيات الطيبة، ووضعوا مرسى على عرش البلاد. ونجحت قطر فى خطتها التى
هى فى الأصل خطة أمريكية بحتة. الجراح المصرية من دولة قطر كثيرة. لكن ليس
هناك عداء دائم ولا صلح دائم فى السياسة. وقد تعود العلاقات المصرية
القطرية للهدوء. لكن ليس فى القريب القريب!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق