السبت 24 أغسطس 2013
د. ليلى إبراهيم شلبي
«الكورتيزون»
أحد أشهر التعبيرات الطبية التى يتداولها العامة تحت مسمى (سلاح ذو حدين).
فالمعروف أن الكورتيزون قد يكون منقذا لحياة إنسان إذا ما أصيب بصدمة
الحساسية كما أنه فى الوقت نفسه ذو أثر مدمر إذا ما أسىء استخدامه.
الكورتيزون هورمون تفرزه خلايا قشرة الغدة فوق الكلوية. يمتلك الإنسان
غدتان فوق كل كلية غدة لا يزيد وزنها عن خمسة جرامات خاضعة لأوامر ونواهى
الغدة النخامية من خلال هورمونها المنبه والذى يتأثر إفرازه بتركيز الغدة
الفوق كلوية فى الدم.
إنه فى الواقع تنظيم مدهش وتوافق بين الغدة النخامية والغدة فوق الكلوية
وتوزيع أدوار فسيولوجى يثير الدهشة والتأمل إذ أن تلك الغدتين لا يتعلق
عملهما بإفراز الكورتيزون وحده إنما أيضا هورمونات الذكورة والأنوثة إلى
جانب الأدرينالين وما له من علاقة مباشرة بوظائف الدورة الدموية والتنفس.
تفرز الغدة الفوق كلوية (adrenal gland) الكورتيزون فى صورتين الأولى
لها أثر على السكر فى الدم والثانية تمارس مفعولها على الأملاح المعدنية
مثل الصوديوم والبوتاسيوم.
أثر الكورتيزون على السكر فى الدم
يساهم الكورتيزون فى تكسير البروتينات للسكر كما يساهم أيضا فى تخزين
النشا فى الكبد الأمر الذى يجعله كحارس خزانة السكر لحين الحاجة إليه لسد
احتياجات الجسم من الطاقة.
ــ يحافظ على ارتفاع نسبة الجلوكوز فى الدم أى أن له أثرا مخالفا لفعل
الأنسولين الذى يعمل على خفض نسبة السكر فى الدم عدا المخ والقلب.
ــ يساهم فى المحافظة على ضغط الدم من خلال عمله على تحفيز الكلى على التخلص من الماء الزائد فى الجسم والدورة الدموية.
ــ يدعم الجسم فى مواجهة الضغوط النفسية والجسدية والعصبية التى قد تطول فترات التعرض لها خلال فترات المرض الطويلة أو المزمنة.
ــ للكورتيزون أثر ملطف للالتهابات الحادة والمزمنة أى كان منشؤها فى
الجسم إذ يقلل من أعراض الإصابة بالحساسية بمختلف درجاتها أيضا له أثره
الواضح على التهابات المفاصل وأزمات الربو وحساسية الجلد.
ــ وجود الكورتيزون هام للغاية لإداء عدد آخر من الهورمونات الحيوية مثل
هورمون الجلوكاجون الذى يرفع معدلات سكر الجلوكوز إذا ما انخفض،
الكاتيكولامين الذى يدفع بالجلوكوز من الكبد للدم مباشرة حين يحتاجه الجسم
فى مواجهة الحوادث التى تربك الإنسان فتلجئه للهرب أو الخوف من الآتى. أيضا
هو عامل مساعد لهرمونات النمو والهرمونات المنشطة للغدد الحسية.
العلاج بالكورتيزون
من الخطأ فهم عمل الكورتيزون على أنه مكافح للألم إذ أنه مكافح للالتهاب
الذى غالبا ما يسبب الألم. لذا فالعلاج بمستحضرات الكورتيزون على اختلاف
أنواعها: أقراص، كريمات، حقن فى العضل أو المفاصل أو الوريد يجب أن تتم تحت
إشراف طبيب يضعها بدقة وفقا لحالة المريض واحتياجه.
الحقن بالكورتيزون
يتم تحضير الكورتيزون صناعيا وبعد الحقن به فى حالات محددة ضرورة لا غنى
عنها فى حالات الحساسية المفاجئة إلى جانب حقنة مباشرة فى المفاصل التى
تعانى من حالة التهاب حادة مثل حالات التهاب مفاصل الكتف، الركبة مفصل أحد
أصابع اليد، مفصل الكوع «كوع لاعب التنس» أو ظاهرة النفق الرسغى التى يعانى
منها من يعملون كثيرا بأيديهم مثل الحرفيين والموسيقيين والكتبة وأفراد
السكرتارية الذين يقضون نهاراتهم أمام الكمبيوتر.
الحقن بالكورتيزون قد يبدو مؤلما بدرجة محتملة حتى مع الخبرة والتمرس.
ماذا عن المضاعفات؟
أول المضاعفات قد يكون رد الفعل الذى يحدث بعد الحقن بالكورتيزون ألا
وهو أن تسوء الحالة عما كانت عليه من قبل ويزداد الألم وهو أمر لا يستمر
أكثر من ليلتين ويعالج بكمادات الثلج على المفصل المصاب. هناك أيضا بعض من
المضاعفات الخطيرة وإن كانت قليلة الحدوث مثل أن يتلوث المفصل ويغزوه
ميكروب أو فيروس الأمر الذى يمكن تفاديه إذا ما تم تعقيم المفصل قبل حقنه
بمطهر قوى كاليود ومراعاة شروط الحقن السليمة.
هل يمكن حقن نفس المفصل لمرة أخرى؟
نعم يمكن. الواقع أن العلم لا يضع قيودا صارمة على عدد مرات حقن
الكوورتيزون وإن كان يقصر جرعاتها لحدود معينة تتناسب مع الحالة وسن المريض
ووزنه وإذا ما كان يعانى من أمراض أخرى مزمنة كالسكر على سبيل المثال.
الكورتيزون يعتبره الكثير من أهل العلم علاجا سحريا للتفاعلات
الالتهابية لكنه فى الواقع سلاح ذو حدين كثيره مدمر وإن كان قليله فاعلا
ومؤثرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق